السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
؛
؛
؛
والمؤمن الذي خلى بربه كما قال الحسن البصري حينما سئل : ما
بال أهل الليل على وجوههم نور ؟ قال : لأنهم خلوا بربهم
فألبسهم من نوره - سبحانه وتعالى – .
المؤمن الذي في عز المحنة وشدتها وهولها ، يبقى ساكناً ،
مطمئناً بوعد الله - عز وجل - وبنصر الله - سبحانه وتعالى - كما
كان من الرسل والأنبياء ( ما ضنك باثنين الله ثالثهما) أعظمها
من نعمة ! وما أعظمها من لذة ! لو أن الإنسان تفاعل بها
انفعال صادقاً.. لو أنه تشربها تشرباً كاملاً ، لو أنه عاشها وبقي
معها، في مداومة مستمرة ، وفي حياة متواصلة ، إذاً لتحقق له
أيضاً ما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - من المفارقة في
اللذة التي إذا جناها العبد حقيقةً، وإذا اقتطفها ثانيةً ؛ فإنه
لا يرضى عنها بديلاً ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن
يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا
لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )،
كل هذه المشاعر من المحبة والميل العاطفي ،إنما رابطها الإيمان
الذي يغذيها وينميها، ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة ،
ولذا قال سلف الأمة - عندما تذوقوا هذه الحلاوة -: " والله إنا
لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها
بالسيوف ". ذاقوا طعمها .. ذاقوا صلة بالله - سبحانه وتعالى -
عظيمة، التي متى تعلق قلبك بها لن يتعلق بشيء سواه ، وبدأ
حينئذً كل أمرك من طموح، ومن شوق ، ومن آمال ، ومن غايات في
هذه الحياة ، يرتبط بهذا الإيمان كما بين النبي - صلى الله عليه
وسلم - في هذه المنن الإيمانية ، والمنح الربانية ، التي
يسوقها - سبحانه وتعالى - لك أنت - أيها العبد المؤمن المسلم-
من بين هذه البشرية الحائرة الضالة المتخبطة ، البعيدة عن
منهج الله ، الجاحدة لرب الأرباب ، وملك الملوك - سبحانه وتعالى- .
تأمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله إذا أحب عبداً
نادى جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل .. { قال كلا إن معي
ربي سيهدين } .. { قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم }
، ما أعظم هذه الطمأنينة المنسكبة في القلب ، والتي تجعل
الإنسان مستقراً مطمئناً .
فليتك تحلو والحياة مريرة **** وليتك ترضى والأنام غضابُ
فإذا صح منك الود فالكل هيناً **** وكل الذي فوق التراب ترابُ
أسأل الله أن يغفر لي ولوالدي وللمؤمنين جميعا
وصلى الله على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة واتم التسليم
والحمد لله رب العالمين
-